GuidePedia

0

 لقد شكل قصر أسا قلعة للعديد من الفخدات التي استقرت فيه لعقد من الزمن لمجموعة من العوامل من بينها: كونه مسقط رأس العديد من العائلات، والكثير من الأولياء، ثم توفره على شروط استمرار الحياة، إذ أن معظم أهالي القصر حسب الرواية الشفوية، تعتبر واحته مصدرا للثروة الحياتية، لاشتمالها على الأراضي الخصبة التي كان السكان يعيشون من خيراتهم ومن ما تنتجه من تمور وقمح، وشعير إلى غير ذلك، كما أن الازدهار الذي شهده القصر من مواسم تجارية ودينية وثقافية هو عامل آخر على استمرار الحياة، بحيث أن هذه المواسم شكلت ملتقى اجتماعي لأهل القصر واندماجهم مع باقي الثقافات وتفتحهم بدورهم على قصور ومدن أخرى بغية النهوض باقتصاد القصر وأهله، وكسبهم خبرات تفيدهم في حياتهم كتعليم أبناء القصر تعليما دينيا، إلا أن القصر المزدهر قديما، أصبح عبارة عن مباني مهدمة، وبيوت محطمة، وأشلاء قليلة تؤرخ لتاريخ غني ومزدهر من خلال طريقة البناء وتناغمه، وذلك بسبب نزوح معظم الأهالي إلى مدينة أسا التي تمثل المجال الحضري، هذا النزوح الذي كان لعدة أسباب، من خلال الرواية الشفوية للنازحين[1] من القصر إلى المدينة، أولها، توفر مدينة أسا على معظم المرافق الإدارية والتعليمية ثم توفرها أيضا على وسائل الراحة، كمصادر الطاقة الكهربائية والمائية، على عكس القصر الذي كان يعتمد على التعليم التقليدي في الزاوية، والوسائل الحياتية التقليدية، كما أن توالي سنوات القحط والجفاف جعل أراضي الواحة جافة مفتقرة للعطاء والإنتاج المساعد للنمو والعيش، الشيء الذي دفع بالأهالي إلى البحث عن مناصب شغل بالمدينة، تساعدهم في التغلب على الحياة ومتطلباتها، ثم تعليم أبنائهم الديني الذي كان يدرس في الزاوية والمساجد.
     إلا انه رغم كل هذه الأوضاع المزرية التي آل إليها القصر، ما زالت بعض العائلات ترفض النزوح عنه، وهي متشبتة بتاريخها واصلها، وبالرغم من تهدم القصر وتلاشي بعض أجزاءه، فهو لازال يشكل معلمة تاريخية وأثرية تؤرخ لسكان أسا الأولين والأقدمين، وفي هذا الإطار ولترسيخ هذه الأهمية ابتدأ مشروع ترميم القصر حيث تجندت مختلف فعاليات ومؤسسات المجتمع المدني بمدينة آسا بما فيها الجمعيات. فبدأت عملية الترميم المتابعة من طرف وكالة الجنوب والممول من طرف مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية بمبلغ 3900.00 درهم، وقد أشرف على هذا المشروع المهندسة سليمة الناجي بتعاون مع جمعية قصر أسا، وهذا الترميم الذي شمل إلى حد الآن، ترميم السور الذي يحيط بالقصر لحماية وضمان وحدته، ثم سور المعمورة (المقبرة) ومسجد سيدي الوالي كما شمل المسجد العلوي "تمزكيدا أوفلا " وما زال الترميم مستمرا، إلى أن يتم إكمال القصر كليا، وقد ضم هذا المشروع ما يفوق تسعين عاملا، وحسب الجهات المسؤولة عن هذا المشروع، فالترميم حافظ على نفس معمار القصر القديم وهو المعمار الحجري فالحجارة هي المادة الأساسية في الترميم، وقد لاقى هذا المشروع استحسان القاطنين بالقصر إلى حد الآن فترميم القصر في نظرهم يعني إعادة وبث الحياة في القصر من جديد، وحسب ما قاله احد المسؤولين عن هذا المشروع "عيد الأساوي" فالترميم سيشمل بيوت العائلات القاطنة، هذا طبعا بعد موافقتهم، أما في حالة رفضهم فإنهم يتسلمون المبلغ المحدد لكل دار في القصر ويبقى رهن تصرف أهل الدار.

قصر آسا – آثار و معمار
          التجمع الإنساني هو أساس عمران العالم .وما يمثل لذلك العمران هو الأحوال التي يكون عليها الإنسان بطبعه ، و ما ينشأ عن ذلك من الملك و الدول و المراتب,,,و ما ينتجه أو يصنعه الإنسان بحد ذاته ،و هذا ما يؤكد ضرورة الاجتماع و التوحد فيما يسمى بالمدينة ،و هذا ما يعني العمران الذي يشمل كل جوانب حياة الإنسان و المتمثلة أساسا في كل ما ينشئه بنفسه،و يبقى راسخا في التاريخ كآثار و معمار،و هذا دليل على أن الإنسان أبدع و أنشأ و صنع,
          يعتبر قصر آسا كشاهد عن أحوال الإنسان و إبداعه بحكم المعمار و الآثار التي خلفها الإنسان به ، فقصر آسا من بين المعالم التاريخية التي تشيد و تشهد على نوع مميز من المعمار بالمغرب.
          لموقع قصر آسا أهمية إستراتيجية ، تبرز من خلال هيئة أبعاده التي كانت تصل إلى ثمانية أبراج متناسقة ، بالإضافة إلى سور يحيط به من جهته الشمالية ،هذا علاوة على الأبواب الخارجية ذات مصرعين سميكين من العود تفتح على محاور ملسعة بالمسامير ،تفتح و تغلق بنظام داخلي تنظيمي لا يمكن الإخلاء به، هذه المميزات التي تخص القصر تجعل منه أقدم بناء أثري بمجمل الضفة الغربية بالصحراء على الأقل،و يمكن أن نزيد من الإستدلالات لتوضيح هذا التاريخ التليد للقصر بوجود عادات و تقاليد و طقوس قديمة يرجع أكثرها إلى ديانات وثنية و حضارات قديمة و معتقدات لها علاقة بالطبيعة و الواقع و التي يستند أغلبها للخيال و الخرافة ، أعتمد في القصر على الحجارة في البناء و التشييد حيث يتموقع في أعلى صخرة عمودية وحدته مع الكتلة الرمادية.
  تجليات المآثر العمرانية بالقصر:
        يطفى الطابع المعماري على قصر آسا ويشكل نموذجا للقصور الصحراوية التي تبنى بجانب الواحة ، و بذلك يستمد مواد بنائه من المحيط القريب و يعكس دقة و خبرة سكانه , من خلال استعمال الطين و الخشب كمواد أساسية في البناء و التعمير و هي أهم المواد المستعملة في بناء أبرز المعالم التاريخية بالمغرب و هذا ما يزيد انسجام و تماسك الأشكال الهندسية الفرعية لهيئة القصر الخارجي الذي اكتسب التنفيذ الدقيق في طرق البناء و التشييد ، مما أكساه حلية مزينة بالأشكال المتناسقة الأبعاد و المتمثلة في الأزقة و الأبواب , و كذا في الدروب و الأبراج و المحيطة بسور خارجي من جهت الشمال و التي تعرف تواجد قبائل إدا ومليل و الجنوبية موطن قبائل إدا ونكيت ,
   رغم هذا  التقسيم المتعارف عليه إلا أن قبائل القصر بشقيه كانت مرتبطة فيما بينها إلى حد كبير ، و من ابرز مظاهر هذا الترابط سنهم لقوانين و ضوابط يعمل بها الكل و تسري على الجميع انطلاقا من " أمغار " نفسه ، فترابط ساكنة القصر يظهر لنا أيضا في مجموع مظاهر الحياة ككل بمختلف تجلياتها خاصة الاجتماعية منها ( التقاليد و العادات ) و الدينية ( الدين و المذهب ) و كذلك الاقتصادية بالاعتماد على الفلاحة كأهم مصدر للعيش ، هذه المظاهر المختلفة و المتنوعة التي تبين لنا وحدوية المكان رغم الاختلاف في بعض الخصوصيات المتميزة للبعض. 
‌أ.       أسوار و أبراج قصر آسا :
          يضم قصر آسا مجموعة من الأبراج يبلغ عددها سبعة ، رغم أن بعضها اندثر مع الزمن إلا أنها لازالت راسخة في الذاكرة الجماعية لساكنة قصر آسا ، و لعل أهم قاسم مشترك بين هذه الأبراج هو شكلها الحالي باستثناء برج احشاش و كون معظمها تتخللها منزلقات من الأحجار الكبيرة المختلفة الأشكال و الملساء مثل برج " ن بزيز" ، برج  "ن باها"  ، برج " ن ايت اوحايك " ، و بصفة عامة فأبراج القصر و الموجودة أساسا في القسم الشمالي و المتميز بكونه مشيد على أعلى تلة يصل ارتفاعها إلى حوالي 200 متر ، و هو ما يفسر طريقة البناء الحجري الذي اكسبه جمالية طبيعية ،و فيما يلي جرد لأهم تلك الأبراج :
-    برج اند بزيز
-    برج احشاش
-    برج اند عبيد الله
-    برج نابت حانت 
-    برج اند باها
-    برج اند بحمان
-    برج نتضو حانت

أما الأسوار و كما ذكرنا سالفا لا يتعدى سورا واحدا يحيط بالجهة الشمالية للقصر ( اداومليل) حيث يمتد من برج احشاش وصولا إلى مسجد " اداومليل " ، و هو بمثابة الحصن الحصين و المنيع الذي يحمي القصر من أي خطر أو تطفل أجنبي عليه ، و يتميز هذا السور بقصر طوله من الداخل و طوله من الجهة الخارجية مما يسهل على أهالي القصر رؤية المنطقة من الداخل ، و قد شيد أساسا لسبب دفاعي ، و كما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته إلى أن الإنسان " لما حيل إليه من الفكر من عواقب أحواله ، لا بد أن يفكر فيما يدفع عنه الأذى من الحر و البرد ..." كما أن لهذا دور أخر هو رد قوة الرياح التي يتعرض لها القصر بحكم تواجده على قمة الجبل ،      و ينحدر طول السور بانحدار الجبل و كذا المنازل المتواجدة به .
‌ب.   أهم الأبواب و الأزقة :
      كل الأشياء في الحياة لها ركيزة ومميزات ملازمة لها و العمران من بين تلك الأشياء التي لها مميزات لصيقة به ، و باختلاف أماكن تشيده ، فأي مدينة مهما تقلصت أو اتسعت مساحتها إلا و لها مميزاتها ، كطرق البناء و مكوناته و الأبواب من بين هذه المكونات التي تميز بها البناء المعماري ، و قصر آسا غني بها ، حيث نجد مجموعة من الأبواب الرئيسية و الثانوية ، و يبلغ عدد أبواب الرئيسية ثمانية أبواب أهمها :
*       إمي ندرب أكرام : نسبة إلى احد ساكنة القصر الشرفاء .
*       إمي ندرب اهراسن : نسبة إلى قبيلة اهراسن التي تسكن بها .
*       إمي تندرت اداومليل : مدخل يؤدي إلى خارج احشاش
*       إمي تندرت اداونكيت : مدخل يؤدي إلى السوق تتخلله مجموعة من الدكاكين .
*       إمي إمي : مدخل الرئيس المؤدي إلى ساحة البرج .
*       إمي نسوق : يوجد بالقسم الشمالي يؤدي أيضا إلى السوق .
*       إمي نتمزكيدا : يوجد قرب مسجد اداومليل يحده السور .

هذه الأبواب الرئيسية هي منافذ إلى القصر لها أوقات خاصة تفتح و تغلق بنظام داخلي تنظيمي لا يدخل منها إلا الخواص ، أي من يسكنون به ، و على الضيف اخذ الإذن من مجلس " ايت الاربعين " قبل الدخول يطلق عليه " تنفولت " ، أيضا و كما هو الحال في جل المدن المغربية الأثرية القديمة ، فالقصر يحوي مجموعة من الدروب التي تختلف تسمياتها ومواقعها و تميز أشكالها ، و اختلاف بعضها عن البعض ، هذا الاختلاف الذي يبرز بجلاء في جهتي القصر الشمالية و الجنوبية ، هذه الأخيرة تمتاز دروبها بالشساعة و يتخللها نوع من العتمة ، و يسكنها كل من عائلات القبيلة نفسها و ابرز هذه الدروب : درب " ند باكريم " ، درب " ندهمان" ، درب " اهراسن " ، درب " ند عثمان" درب " افلا "  أما دروب الجهة الشمالية فلها مميزات خاصة حيث تتسم هي الاخرى بضيقها وانحدارها ، هذا الانحدار الذي يرجع بالأساس لكون البناء مشيد على تلة و نذكر منها : درب " ن ايت احايك " درب " ن علي ابلا " ، درب " ن باحسي " درب "ن باها" درب " ن سيدي الحسان "      درب " ن بريك " . رغم بساطتها فالدروب تمثل جزء مهما من مكونات البناء المعماري . 
      أزقة القصر هي الأخرى لم تخلو من التعدد و الاختلاف من حيث شكلها و أسمائها ، و التي تحمل كل منها في طياتها دلالات و معان خاصة بالحياة العامة بالقصر ، و ساكنته او تصف حالة ذلك الزقاق ، و منها ما يرتبط اسمه بالمعتقد الديني للساكنة ، و عند ملاحظتنا للازقة المتواجدة بالقسم الشمالي للقصر نجدها متصفة بالانحدار و ضيق ممراتها و نذكر منها : " تسكوت اوكضي ندحيا " ، " تسكوت اند المختار " ، " تسكوت كروزن " " تسكوت غزيفين " ، " تسكوت ند عبايدالله " ، " تسكوت نتشارافين " ، " تسكوت امزيلن" ، "تسكوت ندوتكما " .
و على عكس تلك المتواجدة على القسم الجنوبي و التي تتميز باتساعها و انبساطها : " تسكوت ندباب السدرة  " ، " تسكوت ند بيجان " ، " تسكوت امي نتميميت  " " تسكوت ند بنطالب " ، " تسكوت ن سيدي يعقوب  " ، " تسكوت نداحن " ، " تسكوت اندموسى او سليمان" ، "تسكوت ندوتكما " ، و يبدو ان هذه الأزقة أنشئت خصيصا للربط بين المؤسسات الدينية ( المساجد – الزاوية – المقبرة ) و ذلك لالتقاء جل الشوارع و الأزقة في ممرات تنتهي بإحدى هذه المؤسسات ، و ذلك عائد الى كون العامل الديني يتحكم في توجيه سلوكيات ساكنة القصر ، و تجدر الإشارة إلى الهاجس الأمني و تمويه العدو عن القصر ، يتحكم كذلك في هندستها و شكلها الذي يظهر من خلال التنظيم الداخلي للقصر .
‌ج.    فضاءات المعلمة :
*       الساحات : تمثل الفضاء و المتنفس الأبرز لساكنة القصر ، فقد كانت تشهد حفلات ليلية أو حفلات الأعراس التي يكون أساسها أحواش ، تضم رجال القصر الذين يحبون و يتقنون الغناء و الغزل المحليين ، و معيار القرب هو المتحكم و كذلك اختيار الساحة ستشهد حفلا معينا كما تستغل للاحتفالات بالأعياد الدينية والوطنية ، كما أن بعضها تخصص بممارسة احتفالات و طقوس معينة بكلتا جهتي القصر .
·     أنوار اهمو : يتم الاحتفال فيه بالحفلات و الأعياد الوطنية .
·     تسكوت غزيفن :ساحة مخصصة للفلكلور الشعبي الخاص بالفتيات في عيدي الفطر و الأضحى ، و كذلك تخصص لممارسة طقوس وعادات (ايماغن اومان )
·     تشارفين : يتم الاحتفال فيها بظاهرة " امعشارن " في عاشوراء من كل سنة .
·     امي اوزيلال : تشهد الاحتفال بظاهرة " اهياضن " التي يتم الاحتفال بها عند بداية موسم الحرث
·       اكلاكال : هي فضاء لم يخصص لغرض معين ، عبارة عن ساحة عمومية .
هذه أهم الساحات المتواجدة بالقسم الشمالي من القصر .
·     اناصر : يتم استقبال الضيوف القادمين من مناطق مجاورة خاصة المكونين من فرق أحواش .
·     ساحة امي لحاوش نحماد اوعلي : ساحة تخصص لاحتفال الفتيات بالأعياد و كذا احتفالات الأعراس و غيرها .
·     امي نزاويت : ينظم فيها موسم زاوية أسا " الموكار " .
·                        ساحة ادبوهرادة : ساحة تخصص لممارسة طقوس ادبوهرادة .

هذه أهم الساحات المتواجدة بالقسم الجنوبي و الملاحظ أن جل الأنشطة التي تقام في هذه الساحات تكون مرهونة بساكنة كل قسم من القصر . 
إلى جانب هذه الساحات ومنذ وصول الإسلام إلى المنطقة ، دأب الأهالي إلى تشييد مجموعة من المرافق الدينية و على رأسها المساجد ، التي تمثل كما هو معروف أهم مكان لممارسة الشعائر الدينية ، فبنيت بعضها بالقسم الشمالي : "تمزكيد أفلا "أو المسجد العلوي الذي يرجع تأسيسه إلى زمن بعيد ، كما يوجد مسجد آخر و هو مسجد اداومليل في حين بنيت أخرى بالقسم الجنوبي و أبرزها مسجد " سيدي عيسى بن صالح " الذي تم ترميمه في أواخر الستينيات ، و مسجد " اداومستري " ، و قد استغلت المساجد ليس فقط لتعليم أصول الدين و تلقينها بل أيضا تعلم القراءة و الكتابة كما مثلت المكان المقدس الذي لا يجرؤ من يدخل إليه على اختراق حرمته ،  و تعتبر هذه المساجد ككاتب خاصة لتلقين تعاليم الدين الأساسي والقرآن الكريم .
فهذه المؤسسات التي كان يخضع لها أبناء القصر خلال مرحلة التنشئة الأولى لهم .
*       الزوايا : إن العصبية القبلية التي تحدث عنها ابن خلدون و التي ظلت مترسخة في جل المجتمعات كانت حاضرة في الحياة الاجتماعية بالقصر،حيث كانت كل قبيلة تتعصب لنفسها ضد الأخرى،هذه العصبية  كانت في الأغلب سبب نشوب مجموعة من النزاعات و المناوشات بين القبائل أو بين العائلات الكبرى بالقصر و التي يفشل الناس في إيجاد حل لها،و منها جاءت الزاوية التي كانت تمثل المنفذ الأبرز لفض النزاعات،حيث تحتضن الزاوية مجموعة من الأشراف المتمتعين بالحصانة الدينية و بقدر كبير من العلم.

فقد كان حكمهم يسري على الجميع،دون اعتراض و قد كانت زاوية آسا الأبرز في القيام بهذا الدور  و تضم مجموعة من شيوخ الزاوية"الشرفاء" الذين يقومون و يترجمون ذلك الدور على أرض الواقع،  و كان السكان يطلقون عليهم لقب(سيدي) احتراما لهم و للدور الذي يلعبونه،و كان ينضم موسم ديني و تجاري في نفس الوقت يعرف باسم الزاوية، حيث يتقاطر إليه التجار حاملين معهم مختلف البضائع من مختلف الأقطار و الديانات كاليهود مثلا,
إلى جانب هذه الزاوية توجد زاوية أخرى بالقسم الشمالي لكنها كانت صغيرة و لم يكن لها دور في فض النزاعات،بل كان لها دور علمي دون التدخل في شؤون القصر,
*       الأســـــــــواقكانت التجارة حاضرة الحياة الاجتماعية والاقتصادية للقصر رغم محدوديتها،فقد كان القصر يتوفر على مجزرتين الأولى صغيرة بالقسم الشمالي،و الأخرى بالجهة الجنوبية،هذه الأخيرة التي تتسم باتساعها و تضم مجموعة من الدكاكين و الجزارين،و تحوي بئرا كان المصدر الوحيد للمياه إلى جانب المجاري المائية و الأنهار.
هذه الفضاءات  المتنوعة و المكونة لقصر آسا و التي يتميز بها،تجعل منه فنا معماريا متعدد الجوانب و المؤشرات،و الذي يفرض نفسه و يوحى بالإعجاب،من خلال الأشكال الهندسية التقليدية و المتميزة لطرق تشييده.
   – مميزات البناء و طرقه :
‌أ.       القسم الشمالي للقصر :
         يتميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية الأخرى بالعقل و القدرة على تغير بيئته ، و خلق ظروف أكثر ملائمة لمعيشه عن طريق العمل المنتج الخلاق ، و كذلك عن طريق ابتكاره لمظاهر تساهم في تطوير بيئته و ذاته ، وقدراته الذهنية و الجسمية و الروحية ، و هنا يمكن أن نبرز بجلاء لعبقرية الإنسان التي تساهم في تطوير ذاته و المحيط الذي يعيش فيه ، بخلق فضاءات و معالم تساير حياته الاجتماعية و الدينية و الاقتصادية و السياسية    و بذلك يمكن أن يعيش في وسط ملائم تتوفر فيه شروط العيش ولو البسيط منها و قد استخدم في إقامة مبانيه مواد و تقنيات البناء المتنوعة و الملائمة لبيئته و لنمط عيشه ، وتمكن من تطوير هذه المواد و التقنيات لتواكب التغيرات التي عرفها عبر العصور .
تختلف أنواع البناء و تتباين حيث يمكن الحديث في البناء القديم على نوعين منه : البناء الطيني و الحجري ، و قصر آسا من بين المدن الأثرية بالمغرب التي اعتمدت على تقنيات و مواد مختلفة في البناء و التشييد ، هذا البناء الذي يوحي بالبساطة الممزوجة بالصلابة و الدقة ، و السعي دائما نحو الاحتماء .

و قد اعتمد ساكنة القسم الشمالي من القصر في البناء و التشييد على طريقة البناء الحجري ، ذلك نظرا لتوفر الحجارة في هذا الجانب ، و تنوع الصخور المستعملة ما بين الأكثر هشاشة و الأكثر صلابة ، حيث يقوم البناءون بالبحث عن  مقالع الحجارة توفر طبقات صخرية سهلة القطع ، تغطي كثل منتظمة و متوسطة السمك ، بعد تهيئها لذلك الغرض ، كما تستخدم الأتربة كمواد ثانوية إلى جانب المادة الرئيسية المتمثلة في الأحجار ،  و تستعمل جذور النخيل و سعفه لتغطية السقوف و " الطفال " كصباغة لتبليط الجدران بدل الصباغة الحالية ، أما الواجهة فمنظرها يتخذ مجموعة من الأشكال الهندسية ذات أبعاد مختلفة من الحجار الداكنة اللون            و المرسومة و قد يضم المنزل الواحد مجموعة من الطبقات قد تصل إلى ثلاث طوابق تحوي العدد من الغرف قد تصل إلى (ثلاثون غرفة ) ذات الوظائف المختلفة حيث يختلف شكلها و حجمها بحسب وظيفتها و غرض استعمالها . 
‌ب.    القسم الجنوبي من القصر :

          في مقابل " اداومليل " الذي اعتمد في بنائه على طرقة البناء الحجري نجد هذا القسم من القصر يعتمد على طريقة البناء الطيني مستعينا في ذلك بتقنيات تخضع بالأساس لطبيعة المادة المستخدمة ، هذا البناء الذي يتطور بتطور العصور ، تطورات من حيث تركيبة المادة أو تقنيات البناء و ذلك بهدف جعله أكثر صلابة   و ديمومة . 
           فقصر آسا وخاصة هذا القسم اعتمد على هذا النوع و ذلك بتوفر الأتربة بالمناطق المجاورة له ، إلى جانب هذه المادة نجد بعض المواد الثانوية التي تستعمل في البناء كالأحجار و الخشب ، فنجدها مستعملة في تثبيت الجدران و السقوف و الأعمدة و الأبواب و الفتحات ...
            و يعتمد في البناء الطيني على تقنيتين تختلف كل منهما على الأخرى حيث نجد تقنية اللوح أو التابوت حيث يتم تثبيت التابوت الخشبي و يملأ بالطين الممزوج بالتبن و روث الحيوانات ، و بترك هذا المزيج حتى يختمر ( لضمان تماسك عناصره فيما بينها ) ليصبح بذلك جاهزا للاستعمال حيث يفرغ في اللوح و يدك جيدا ، تزال الألواح الخشبية المكونة للتابوت ، لتثبت مرة أخرى في مكان مجاور و تتكرر العملية نفسها ، حتى نصل إلى الطول و الارتفاع المطلوبين .
            أما التقنية الثانية فهي تسمى بتقنية الأجور المجفف حيث يشكل الطوب المنظم و المشكل في قوالب مربعة أو مستطيلة الشكل و يترك حتى يجف قبل استعماله ، و يتم البناء في القصر بتعاون ساكنته فيما بينهم في شكل ما يسمى تيوزي . 
              فقد شيدت المنازل المشكلة من عدة طوابق هذا علاوة على الغرف المتعددة و ذات الوظائف المختلفة من غرف خاصة للضيوف إلى غرف المئونة ، بالاضافة الى الدروب والأزقة والمساجد و الساحات و غيرها من المرافق البسيطة التي تدل على تلاحم ساكنة القصر فيما بينهم ، وكذا بالشخص المبدع الذي يتكلف عادة بتخيل المباني و ترجمة الأفكار المجردة عن فراغات و الخيال التي يود العيش فيها غالى تصاميم قابلة للتنفيذ ومبتكرا بذلك أشكال هندسية متنوعة بتنوع الحضارات المتعاقبة عليه ، " فـآسا من الأماكن  المرصدة حيث تعاقبت عليها الحضارات الواحدة تلو الأخرى واختلطت آثار مسيرتها ، فخلق هذا التعاقب المتواصل مناخا أبديا تقمص تقاليد و عادات تزول بزوال واضعيها أو نسيان المتعاقب لمعناها . " 
 تقنيات البناء 
أ - استخراج التربة و طرق تحضيرها :
      تتشابه طريقة استخراج التربة بين جميع المناطق في المغرب و شمال إفريقيا عامة ، فهي تتجلى في أخذ الطين من سطح أو من باطن الأرض، باستخدام أدوات بسيطة كالفؤوس ، و عادة ما لايبعد مكان استخراج التربة عن الورش إلا ببضع أمتار " فحسب ما أورده فيتروف عن خصوصية التربة التي تصلح للبناء إذا قال إن : " التربة الجيدة للبناء تكون خالية من الحصى الدقيق و الرمل ، لأن هذه المواد تفقدها التجانس و تجعلها سريعة التفتت و غير مقاومة للعوامل الطبيعة و لهذا يجب اختيار تراب أبيض شبيهة للتبشورة أو حمر داكن لأنه يتألف من سواد ناعمة و منسجمة و غير ثقيلة"  1 ، من المعلوم أن أشكال البناء بالتراب متعددة ومختلفة من التراب المدكوك « pise » و الأجور المجفف « brique crue »  التراب المدعوس « terre ballue » و يعتبر التحضير الأول للتراب القاسم المشترك بين كل أشكال البناء الطيني، و هو يتجلى في ما يلي: بعد استخراج التربة و مزجها لتصبح متجانسة تسقى بالماء و تخلط ببعض الشوائب كالقش و تترك لتتخمر و لتتمازج جميع العناصر فيما بينها ، و بما أن الطين مادة لزجة و قابلة للتفتت و الاندثار بفعل الحرارة و الرطوبة ، و لتصبح أكثر مقاومة تضاف إليه الشوائب النباتية لتكون جسما واحدا مقاوما للتغيرات المناخية .
ب - الأساسات :
  قبل الحديث عن تقنيات البناء بهذه المنطقة لابد أولا أن نتحدث عن الأساسات باعتبارها خطوة أولى تأتي قبل الشروع في البناء.
من الطبيعي جدا أن الجدران تحتاج إلى أساسات تضمن ثباتها وديمومتها ويختلف مع عمق الأساسات حسب طبيعة أرضية المبنى (رملية أو حجرية..) وعلوه وثقله وقد اخبرنا فيتروف بخصوص تقنية الأساسات بما يلي :" يجب حفر الأساسات إلى غاية الوصول للأرضية الصلبة (soldium) التي باستطاعتها تحمل البناء، وتتمثل أحسن الأرضيات في الصخر وهذا ما بحث عنه الإغريق ومن بعدهم الرومان ويجب أن يكون عرض الأساس اكبر من عرض الجدار لان المداميك السفلى تتحمل المبنى .وإذا لم نصل إلى الصخر بعد عمق كبير تقوم ببناء قاعدة حجرية"
ومن الطبيعي جدا أيضا أن أبناء أبناء قبيلة ايتوسى بعدما كانوا في ما قبل يتخذون من الخيام منازل لهم، وأمام تغبر الظروف الطبيعية و الاجتماعية و الاقتصادية، لجئوا إلى بناء بيوت طينية ، متخذة كما سبقت الإشارة من المواد المحلية المتوفرة مادة أساسية في تشييد بيوتهم.
ج - التراب المدكوك :
   لقد عرف بلينوس الأقدم تقنية التراب المدكوك باسبانيا وأفريقيا كالآتي: "تقوم هذه التقنية على بناء جدران طينية بداخل قالب (forma) محاط بلوحين ولهدا تعرف بالجدران المقولبة ،ويؤكد المؤلف الموسوعي على صلابة هذا النوع من البناء ويشهد  له بمقاومته للرياح و النار، وعليه فالتراب المدكوك عبارة عن تقنية تستخدم لبناء جدار طيني وتقوم على نصب لوحين متوازيين ومتباعدين من الخشب ،على أساس لحائط و يربطان بالحبال ويفرغ بداخلهما خليط التراب المبلل ليدك بالمركز،  فتتداخل كل العناصر فيما بينها، وتنشف من الماء تم ينزع التابوت الخشبي بعد  تماسك التراب، ليتم الحصول على جزء من جدار طيني  وتتكرر العملية حتى يكتمل البناء ويعتبر التراب المدكوك من أسرع طرق البناء الطيني ،لأنه يمكن من بناء مبنى صلب ومقاوم للعوامل الطبيعية بتكاليف زهيدة وفي وقت وجيز، ومازال مستعملا لحد اليوم بالبوادي الأخرى.
العناصر المكونة للتابوت) اللوح( : عبارة عن ألواح خشبية يتراوح طولها مابين 2م و2.70م متصل المسافة الفاصلة بينها أي عرض التابوت يعادل عرض الجدار، إلى 0.5 وعلوه إلى   0.80ويرتبط اللوح من الجانبين بالكومي.
الكوامي أو الوقافات: هي عبارة عن أدرع خشبية تربط بالحبال وتحيط باللوح لضمان ثباته .
جبهة التابوت : عبارة عن لوح خشبي يوضع في مقدمة التابوت بهدف إغلاق باب اللوح ،ولضمان تباثه خصوصا أثناء عملية الدك.
الوتد أو لزازة: يستعمل الوتد بين اللوح والوقافة لتثبيت التابوت.
الحبال: استعمالها أساسي في ربط الوقافات .
الزيار :هو عبارة عن قطعة خشبية توضع وسط الحبال لتتبيث الكوامي، وجبهة التابوت.
  القياس: هو عبارة عن قطعة خشبية يساوي طولها عرض اللوحة و يتجلى دوره في الحفاظ على شكل اللوح.
النقاب: هو عبارة عن ثقبين يكونان بطرفي اللوح، و يتمثل دورهما في جر ونقل الثابوت.
المراكز الخشبية:هي التي تقوم بدك التراب لينسجم، ويخرج منه الماء الزائد فيجف بسرعة.
د -  الأجور المجفف :
 تعتبر تقنية البناء بالأجر المجفف من أسهل تقنيات البناء بالتراب ،حيث يوضع الأجر المجفف داخل مداميك مباشرة بعد جفافه ، ويتم الربط فيما بينها بملاط طيني أو جيري، فهذه التقنية تقوم على وضع خليط طيني بداخل قالب خشبي أو معدني مربع أو مستطيل الشكل ،و بدون قعر و ملئه عن أخره، ويسوى الخليط بداخل القالب الذي ينزع للحصول على أجورة ،تترك هذه الأخيرة لتجف تحت أشعة الشمس ، لتصبح صالحة لبناء الجدران و السقف .
و يتطلب الآجر المجفف الاختيار الجيد للتربة ، وقد وصف فيتروف ذلك كما يلي : " يصنع الأجر المجفف من تربة خالية من الحصى و الرمل لأن هذه المواد تجعله ثقيلا، فيتحطم بسرعة عند هطول الأمطار، و نذكر عموما أن التراب ذي الشوائب الغير المنسجمة لا يصلح لصناعة الأجر، و لذلك يجب اختيار تراب أبيض يشبه الطبشورة أو تراب أحمر داكن ذو لون فاتح، لأن هذا النوع يتكون من مواد ناعمة و منسجمة و غير ثقيلة  " .
  و حدد فيتروف الوقت الأنسب لصناعة الأجر المجفف في فصلي الربيع و الخريف، لأن الأجر يجف  بشكل  متساوي، عكس فصل الصيف، حيث تكون الشمس حارقة فيتشقق الأجر دون جفافه جيدا،و يضيف حول جودة الأجر المجفف ما يلي : " لمعرفة الأجر المجفف الجيد  نقوم بالتجربة التالية : نضع الأجر بداخل فضاء به هواء و نتركه لمدة سنتين، وهكذا الأجر الصالح للبناء هو الذي سيبقى في حالة جيدة و لا يجب البناء بأجر حديث الصنع لأنه لا يقبل الطلاء ( en duit   . ولن يتحمل الأمطار، و الرياح فينهار و يتوفر هذا النوع من الأجر على قيمة خاصة لأنه من جهة مادة خفيفة و من جهة ثانية قوي ضد عوامل الطبيعة إلى جانب هاتين التقنيتين توجد تقنية البناء بالحجارة،رغم أنها قليلة فهي موجودة حيث كانت تجلب الحجارة  من المناطق المجاورة ،و يوضع لها أساس متين تم توضع حسب حجم كل واحدة ، فوق الأخر متخذا ( البناي) المعلم، الطين كمادة لاصقة بينهم وهكذا حتى يصل إلى الطول المطلوب، ويمتاز أيضا البناء الحجري بمقاومته للظروف الطبيعية (الرياح و الحرارة )وأيضا بجاهزية المادة الأولية، وبساطته وهذه التقنية أصبحت تعرف نوعا من الاندثار بسبب التقدم الذي عرفته تقنيات البناء والمواد المستعملة .

آفاق الترميم و أهدافه :
  المشرفون على عملية الترميم :
        شكل قصر آسا تراثا مهما لساكنة منطقة آسا ، و أمام توالي السنين و تعرض أجزاء منه للاندثار بفعل العوامل الطبيعية من جهة و كذا خلوه من معظم سكانه من جهة أخرى ، كان لزاما على كل المهتمين توحيد جهودهم من اجل ترميم القصر ورد الاعتبار لهذا الموروث المادي ، ترميم يحترم خصوصيات المنطقة و سكانها ، و فيما يلي سنعض كل الشركاء في عملية الترميم :
¦  السلطات المحلية
  •  وكالة الجنوب
  •  المديرية العامة للجماعات المحلية
  •  المجلس البلدي
  •  وزارة الثقافة
  •  المجتمع المدني
  •  حاملو المشاريع ( 8 مشاريع خاصة بالترميم )
  •  المهندسة المعمارية المشرفة ( سليمة الناجي )
  •  المقاولة المشرفة على البناء 

انقسم دور الشركاء بين عملية التمويل و الإشراف و الانجاز .
   مراحل و أهداف الترميم :
‌أ.       مراحل الترميم :

      أعطت الانطلاقة الأولى لمشروع ترميم القصر في 25 فبراير 2006 ، هذه الانطلاقة التي ستعرف في الأول ترميم كل الأملاك الجماعية بالإضافة إلى كل الجوانب المتعلقة بالبنيات التحتية و المرتبطة بالكهرباء و قنوات الصرف الصحي و الماء ، و في الشطر الثاني سيتم تمويل المشاريع المدرة للدخل بشراكة مع الساكنة . هذه الشراكة التي ستندرج في سياق الإشراك الحقيقي و الفعال لساكنة القصر ( مالكي المنازل ) ، في هذه العملية ، إن هذه الشراكة تهم بالأساس بعث الحياة لهذه المعلمة و رد الاعتبار لها .
إن ساكنة القصر رغم تواجدهم في المدينة الجديدة إلا أنهم جد مرتبطون بالقصر و مكوناته ( الواحة ، الموسم السنوي ، المساجد ) آذ نجد جلهم يسكنون أماكن قريبة منه رعاية لمصالحهم الخاصة بهم ، هذا ما يجعلهم جد متحمسين لهذه العملية الإصلاحية المهيئة من طرف وكالة الجنوب للتنمية ، حيث وضعوا ثقتهم بها ، رغم بعض التخوفات التي يعرفها البعض و العائدة بالأساس إلى اعتقادهم الخاطئ بان ذلك قد يؤدي إلى خسارتهم لأملاكهم بسلبهم إياها من طرف الدولة .
مرت عملية الترميم بمجموعة من المراحل منها :
  •  ترميم الأسوار : بفعل عوامل الزمن تعرض سور القصر للدمار الكامل ، حيث اختفت معالمه تقريبا ، باستثناء بعض البقايا ، هذا السور الذي كان يمتد من برج " احشاش " وصولا إلى مسجد " اداومليل " ، إلا أن معالمه ظلت راسخة في الذاكرة المحلية للساكنة المحلية ، رغم اختفائها في الوقت الحاضر ، فتم فحص بقايا أحجار جدرانه القديمة التي بنيت في وجهة دائرية في اتجاه الواحة ، و استعملت بعض الأحجار المنهارة و الجاهزة المتواجدة بالموقع في البناء و مزج الأتربة مع بعض المواد كالجير و الاسمنت لتثبيت الأحجار و بناء و تشييد السور .
  •  ترميم الأبراج : تم ترميم الأبراج المتميزة بندرتها وأول برج تم ترميمه هو برج " احشاش " ، هذا الأخير الذي تعرض للهدم منذ القدم ، و لم توجد له أي صورة جاهزة من قبل ، و تم الاعتماد على الذاكرة المحلية كمرجع أساس لإعادة ملامحه لترميمه ، حيث اعتمدت الروايات الشفهية لكبار السن من ساكنة القصر ،  لاستكمال الأوصاف العامة لشكل البرج التقريبي ، فقد استعان المختصون بتقنيات البناء التقليدي بالإضافة إلى بعض المواد المحلية كالأحجار و الأتربة و الخشب مع إدخال بعض المواد الحديثة التي تضمن تماسك عناصره و كذلك كضمان لسيرورة و دوام الأبنية المشيدة و بمشاركة أفراد محليين مختصين في البناء التقليدي بالمنطقة . 

و في مرحلة موالية تم ترميم السور المحيط بالمقبرة المتواجدة بالقصر و التي تعتبر كأكبر مقبرة بالمدينة ككل ، حيث تم هدم السور المبني بالياجور الإسمنتي و تشييد بديل بطريقة اللوح التقليدي إلى جانب ترميم مسجد " اداومليل " هو الآخر الذي تعرض للدمار و الخراب منذ القدم .

و قد ركزت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على إحداث مجموعة من المشاريع التنموية بهدف خلق نوع من الحركية و كذا مساعدة الساكنة المحلية بتقديم الدعمين المادي و المعنوي لهم ، هذه المشاريع التي تم التخطيط لها ، أقيمت في منازل قديمة بالقصر تم ترميمها و بعضها صممت من الداخل بطريقة حديثة نوعا ما لتتوافق ونوعية المشروع المنجز بها ، ولعل ابرز المشاريع التي تم الاشتغال عليها هي تلك التي لها علاقة بالمجال السياحي كالفنادق التقليدية لإيواء السياح و متاجر لعرض ابرز المنتوجات المحلية و مقاهي و مطاعم مختصة بالأكل المحلي و متاحف لعرض التراث و أخرى لعرض المخطوطات القديمة الخاصة بالمنطقة ، كل هذا من اجل تنمية المنطقة و محاولة استقطاب اكبر عدد ممكن من السياح و التعريف بأهمية المنطقة كمنطقة صحراوية لها جذورها التاريخية من خلال مآثرها العمرانية ، لعل ابرز هاته المشاريع التي رأت النور ، تلك التي كان انجازها قبل تبنيها من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، التي كلفت مبالغ مالية تقدر بآلاف الدراهم للمشروع الواحد .
‌ب.   أهداف الترميم و تقنياته :
  •  أهداف الترميم :

    مما لا شك فيه أن عملية ترميم قصر أسا أصبحت نقطة مهمة في التعريف به كمعلمة تاريخية أثرية بالصحراء ، هدا الترميم الذي سعت من وراءه كل من وكالة الجنوب و عمالة أسا الزاك و بلدية أسا الى الوصول الى مجموعة من الاهداف أهمها حسب المسؤولين المعنيين بذلك الغرض  :
-         تحسيس السكان بأهميته كتراث غني و اشتراكهم في ذلك في إطار مبدأ التشاركية و دعم المبادرات المحلية و الفردية و الجمعوية على المستويين التنظيمي و المالي ، بخلق أعمال تجارية و ثقافية بالقصر و المدرة للدخل خاصة بعد موجة الهجرة التي عرفها خلال العقدين الأخيرين ، حيث توجه معظم السكان إلى المدينة الجديدة قصد الاستقرار بسبب سوء ظروف العيش و أمام ما تعانيه المنازل من هشاشة بسبب الزمن و عوامله ، إضافة إلى افتقار القصر للمراكز التجارية كالدكاكين حيث يضطر السكان إلى الاتجاه نحو المدينة لشراء مستلزماتهم الأساسية .
و باتساع موجة الهجرة الكبيرة تقلصت عدد المنازل المعمرة بالقصر ، حيث لم تبق سوى خمس عائلات مستقرة به ، و تتوزع بين القسمين الشمالي و الجنوبي ، و لاتزال تلك العائلات تعاني من انعدام وسائل العيش الضرورية و من ابرز تلك العائلات نجد : عائلة التاسلي امبارك و عائلة اتزومارت و عائلة الاساوي حيمود ، و بقائهم في القصر يعود بالأساس إلى ضعف إمكانياتهم المادية التي تؤهلهم لاقتناء منازل بالمدينة ، هناك هدف ثان و المتمثل في ترميم أسوار و أبراج و أبواب و أزقة القصر و كذلك تأهيل الفضاءات العمومية .
-         تشييد المآرب الخاصة المكمونة في أسفل القصر من اجل تفويتها و تحسين وضعيتها ، و ذلك بدمجه في شبكة السياحة من أجل خلق المجال التجاري ما بين القصر و واحاته.
-         ترميم الاسوار و المنارات و الابواب و الساحات العمومية و إعادة تأهيل الازقة من أجل إنعاش القصر و النهوض به كقطاع سياحي مدر للاموال و بالتالي النهوض بإقتصاد المنطقة  ، ثم خلق مشاريع سياحية بترميم البيوت و دور الضيافة لجعلها ماوي لسياح المعلمة التاريخية .
-         تكوين متعلمين أي متخصصين في ترميم المعمار الحجري الذي شيد به القصر ، هذا المعمار يعود تاريخه لالاف السنين هذا من جهة أما من جهة أخرى فالترميم سيشمل معظم القصر بما في ذلك الاولياء و أضرحتهم خاصة و أنهم جزء لا يتجزأ من تاريخ القصر .إد لا يمكن الحديث عن تاريخ القصر و تهميش أولياءه .
-         جمع معلومات تقنية و منهجية من خلال تجارب الترميم الأركيولوجي و المعماري و ذلك من أجل الاستفادة منها في مشاريع إعادة التأهيل الأخرى .
-         محاولة إدماج قصر آسا في شبكات السياحة بنوعيها الوطني و الدولي مع العمل على رد الاعتبار له كمعلمة تاريخية لها ثقلها الخاص .
هذه أهم الأهداف التي سطر عليها بعد دراسة شاملة من لدن المسؤولين ، فهل سيتم تنفيذ هذه الأهداف المرسومة أم أنها ستكون مجرد حبر على ورق ؟
  •  تقنيات الترميم :

        إن تشييد أو بالأحرى ترميم أو إعادة ترميم مكان معين كيف ما كان يستلزم الخضوع لمجموعة من الضوابط ، كاحترام الشكل الأول للبناء و خصوصياته قبل تعرضه للدمار ، و أيضا محاولة استعمال نفس المواد التي بني بها المبنى كما أن التقنيات المستعملة في البناء هي من بين أهم هذه الضوابط ، حيث هي الضامن الأساسي لمتانة البناء المرمم ، فكلما كانت جودة التقنيات عالية كل ما زادت جودة البناء نفسه ، و قد اتبع التقنيون و المختصون في هذا المجال مجموعة من التقنيات المختلفة في ترميم القصر ، و اختلفت باختلاف نوع البناء ( سور – أبراج ...) و شكله .
فوضعت الأعمال الأولى للإصلاح على أسس علمية قوية ترتكز على دراسات شاملة لكل البنايات و المعالم بالقصر ، و كذا تميز آثار القدامى في البناء التقليدي ، و تم الاعتماد على الأتربة و الأحجار كمواد أساسية في البناء و على بعض التقنيات التي شيد به منذ القدم كتقنيات البناء الحجري الذي يعتمد على الحجارة كمادة أساسية بالإضافة إلى تقنيات البناء الطيني أو ما يعرف بالتراب المدكوك ، هذه التقنيات و المواد التي ساهمت في تماسك بعض المعالم البارزة للقصر إلى الآن ، هذه المواد و التقنيات التي مزجت بمواد حديثة كالجير و الاسمنت و نوع من الصباغة الصفراء المخصصة لهذا الغرض مع استعمال بعض الأدوات الحديثة في البناء قصد تماسك عناصره و إطالة عمر المبنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى . 

إرسال تعليق

 
Top