* ويكنى ببوغدة نسبة إلى آخر سلالة من آل إعزا ويهدى .
** وينتمي إلى فخدة أيت باحمان التي قيل أنها كلمة حرفت عن أصلها ( عبد الرحمان )، وهي قبيلة أساسية من قبائل أيت أوسى المرابطة بقصر أسا منذ القدم .وتتشكل من ثالث فخدات أساسية ومترابطة فيما بينها من حيث القيم والعلاقات الإجتماعية المختلفة والوحدة القبلية وهي: فرقة آل بوغدا و فرقة آل الزبير و فرقة آل الزبور. وهذه القبيلة الأصيلة لها ارتباط وثيق بال إعزا ويهدى . ونسبة إلى آل إعزا ويهدى يرى فيه بعض شيوخ ومؤرخي المنطقة أن أيت باحمان كسلالة من أبناء سرية تسرى بها الشيخ يعزا ويهدى. ويلتقي نسب القبيلة مع آل بيجان وآل حمو في عثمان بن ابراهيم . أما والدته فتدعى فاطمة بنت محمد ، أما جدته فهي حورية محمد . هذه الجدة التي تكن له الحب الشديد وتصوره قرة عينها وأملها في الحياة قصد الإرتقاء والحصول على المكانة اللائقة داخل المجتمع . وأملها الكبير هو أن يكون حفيدها سيد قومه ورجال صالحا يضاهي أقرانه في نبل الأخلاق والشجاعة والعلم وكل الخصال الحميدة . كما أنه الحفيد الأكبر الذي تعتز به وتدعوه بحيمود عوض محمد حتى ظل الإسم الوحيد الذي اشتهر به بين عامة الناس داخل القصر وخارجه. وكانت تقارنه بشخص- ربما كانت ترى فيه خصال القوة والشجاعة - يدعى حيمود وهو من آل بيجان . وخلال مسيرته العلمية المتفوقة أخدت الناس تستغني عن الإسم المباشر حيمود لتدعوه باسم واحد ووحيد وهو اسم العلم والوقار والصالح : الفقيه.
*** وكل شخص يكنى بهذا الإسم دليل على أن له مكانة علمية تؤهله لأن يكون عالما ورعا ، وكلمة فقيه في مخيلة أبناء المنطقة تجبر العامة على الإحترام الكبير لأنها كلمة توحي الى التفوق في العلم والمعرفة واكتناز المعارف المختلفة و الفقيه يمكنه أن يتخذ لديهم صفة من صفات قدسية الولي وشان الولاية . شاءت الأقدار أن يرى النور و ينعم بوالدته بين أحضان أسرة ذات مكانة وحظوة وقيمة اجتماعية ، بين أحضان أسرة مشهورة بالورع والصدق والشرف بمنطقة أسا . و لقد تأتى له ذلك بحول الله بالضبط بقصر أسا بالجهة الشمالية منه المعروفة أساسا بإداومليل و بالضبط بمحيط أيت باحمان . وذلك عام 1331 هجرية الموافق ل 1912 ميلادية.
كان يمثل سيدي محمد بن أحمد عضد أسرته، وتلقى على عاتقه منذ صغره مسؤوليات كبرى من قبيل تدبير شؤون الأسرة ورعاية مصالحها وأملاكها والإعتناء بإخوته ومتطلباتهم اليومية والدراسية . ويحصل هذا غالبا خلال فترة غياب الأب أو الأم أو هما معا بسبب ظروف العمل المختلفة والمتكالبة كالاشتغال بالميدان الفلاحي كأوقات الزراعة في وادي درعة او فترة الحصاد ، وقد يتلقى المسؤوليات حتى خلال تواجدهم . فيظل حريصا على أسرته وغاياتها. وتظل هذه المسؤوليات بمثابة امتحان له ولقدراته كما تؤهله لأن يكون رجلا بما تحمله الكلمة من معنى . كما أن العادة والعرف يقتضي إعطاء الفرصة للذكر الأول لإبراز قوته ومن خلاله عظمة الأسرة وقدرتها على تكوين عظمائها.
** للدفاع عنها في كل وقت .. ويدعوه إخوته [بـــابـــا] احتراما له ولمكانته داخل الأسرة.وهذه العادة متوارثة داخل المجتمع القصري لأنها تبعث على الإحترام القوي والتواضع الإيجابي ، كما تعمل أيضا على تقسيم الأدوار واحترام مبادئ التراتبية الأسرية . فالإبن الأكبر يعتبر الوريث الشرعي والناطق الرسمي باسم الأسرة والمدافع عن همومها وقضاياها في شتى اللقاءات الخاصة بالقبيلة ، فترى فيه الأسرة العضد القوي الذي تستند عليه. ولكن يمكن لهذه المسؤوليات ألا يتقلدها أيضا إلا الفتى الفاطن والذكي والشجاع ، وترتبط أساسا حسب القدرة من حيث التجربة و السن والرشد والعقل. وكان لزاما على مترجمنا أن يكون الإبن المرشد الراشد ، المساند لأسرته والمدافع عنها . فهو صورة لأسرته داخل المجتمع ولقبيلته بشكل عام . ولأداء هذه المهام كان ضروريا على سيدي محمد بن احمد الأسوي أن يبحث عن التجارب المؤهلة ولابد له من أن يعاشر أقرانه ويصاحب ذوي العقول النيرة والأخلاق الفاضلة، كما تتدخل الأسرة في توجيهه كلما رأت في تصرفاته ما لا يرضيها ويسبب لها السوء *.
تربى أيضا بين أحضان أسرة تشجعه على المثابرة والعلم والعمل الصالح من خلال مساهمته في فلاحة الأرض وتخصيبها مع الجني والقطف وغيرها من الشؤون. كما كان يكره كل الطقوس المتداولة بقصر أسا والمبنية أساسا على الخرافة والشعوذة، ويسترشد بكل ما هو مبني على أسس الشريعة ويخدم الصالح العام. ولأجل التمكن من هذا المستوى الرفيع في العلم والأدب تمسك بالصبر والجلد أمام كل المشاكل والصعوبات والإتهامات التي تثيرها أعداءه ضده.
* بمنطقة اداومليل ، ويقال انه كان صبيا حاذقا لم يتجاوز بعد من عمره السنة الثانية ، وظلت حكاياته مع الحروف الأبجدية وسور القرآن الأولى المدرجة للتلقين لا تفهم إلا بالترجمة إلى الأمازيغية . لكن ذكاءه ونباهته وجديته وجدها كلها عوامل مساعدة ، تؤهله لأن يتفوق على الاقران في الحفظ والشرح والإستدالا . كما أصبح لسانه قادرا على أن يلوك الكلمات العربية بشكل متقن ويتابع دروس القراءات دون خجل أو غموض. لقد جمع العلامة إذن بين اللغتين – اللغة الأصلية المتمثلة في الامازيغية ولغة القران اللغة العربية – وسانده ذلك على جعل التواصل جد سهل مع مختلف الفئات والألسن التي يتشكل منها المجتمع الصحراوي ومنه الأيتوسي على وجه التحديد . والتطرق إلى اللسان نريد أن نبرهن من خلاله على قدرة العلامة في الفهم واليقظة والجدية في تدبير الشؤون العلمية. وعلى قدرته أيضا تجاوز معيقات اللسان التي تعترض الكثير من فقهاء المنطقة . فالاكتساب المعرفي اللغوي والعلمي أكسبه صفة الرجل الفصيح والمخاطب القوي المرتبط بالحجج والبراهين، القادر على إيصال الخطاب إلى كل مكونات المجتمع وإقناعهم بما جاء في الكتاب والسنة وإظهار كل ما لا يتعارض معهم من خلال الطقوس والعادات . و للسان أيضا دور فعال في طمأنة النفوس وتنوير العقول المخاطبة كلما كان الخطاب موجها إليها باللسان الذي تحمله وترضاه الاذن وتهدأ لسماعه .
إرسال تعليق
انقر لرؤية رمز الإبتسامة
لإدراج التعبيرات يجب إضاف مسافة واحدة على الأقل