فن الإستنساخ ورواده من ابناء القصر

            يعد فن النسخ من الفنون التي ازدهرت بمدارس أسا على مدى قرون؛ كان الحدث الفيصل خلالها تأسيس رباط زاوية أسا على يد الشيخ إعزى ويهدى. وكان للفقهاء اللذين نبغوا في مدارس أسا واستكملوا دراستهم بمدارس سوس النصيب الأوفر في التدوين ونسخ الكتب، ونميز فيها بين نسخ القرآن الكريم وكتب الحديث، وبين نسخ الرسائل والفتاوى والنوازل الفقهية، ومن بين النساخ الذين اشتهروا بفن النسخ والتعليق العلامة محمد أوتوا التيكائي الأسوي الذي نسخ بخط يده أمهات الكتب من أهمها كتاب: "الشرح الكبير للدردير" التي مكنته من التفوق على أستاذه الكثيري بالاستلهام من زخرفه، وإضافته لحاشية من أراء الدسوقي حيث أظهر في نسخته حذقا وفهما كبيرين، واستنبط فيها أخرون مدى تأثره بطريقة شيخه في النسخ كما أورد ذلك المختار السوسي:
 "سيدي محمد أوتوا يرى فيه فقيه جليل مذكور. قال الحاكي وهو من تلك الجهة أنه قرأ المختصر. بنسخة من الدردير بخط يد هذا السيد. وقد ظهر فيها حذق وفهم في توقيفاته. وعدم التصحيف مما كتبه. وقد رسم فيها أنصبة الشريف الكثيري المشهور عند الناس بسيدي سعيد الشريف. فاستدل الحاكي بذلك على أنه ممن أخذ عن الكثيري. وعلى طرر تلك النسخة تقول من حاشية الدسوقي. هذه الحاشية لم تدخل في أيدي الكثيري إلا بعد أن حج حوالي 1294ه. فأتى بها من مصر. ثم صار الناس يذكرون عن سيدي محمد هذا أنه رجع بعلم وتحصيل وإتقان. وحين رجع من الأخذ شارط في قرية (إداو مليل) وتقبلها قرية (إداونكيت)، وهما القريتان في الزاوية الأساوية، ولم يعمره طويلا، فقد اغتبط شابا (...) توفي بعد صدر هذا القرن، فطارت له شهرة علمية مكينة. وإن لم يطل عمره. 

" يقربكم موقعنا من بعض هذه الذخائر والمصنفات التي ضمتها خزانات الأسر العلمية بقصر أسا؛ من بينها الشرح الكبير للدردير المذكور نقلا عن سيدي خليل، وكتاب تحفة الحكام لإبن عاصم، و كتاب المقصور والممدود لإبن مالك، وكتاب الأجوبة العباسية بخط يد العلامة علي بن عبد الله بن محمد أومبارك الأسوي، وغيرها الكثير من المصنفات مع أن الكثير منها توارى بعد عقدين ونيف من تاريخ تصوير هذا الشريط الذي يقدم فيه العلامة اليزيد أبو مدين بعض المخطوطات، وهذا العلامة لمن لم يعرفه فهو  سليل البيت التيكائي الشهير برعاية الشؤون الدينية بقصر أسا، وقد ذكره العلامة المختار السوسي في معرض ترجمته لأبيه العلامة سيدي محمد بن أمبارك ألموش وقال عنه:
" أنه أخذ القرآن عن إبن بحمان الذي كان وحده أستاذ هذه الأسرة، وقد لازم أخاه المذكور [الطاهر] في (تنكرت) فيؤاخذه بحفظ المهمات. وهو كذلك صغير كما افتتح العلوم، ثم شدا فيها وشيكا، ثم بلغني أنه لا بأس بمعلوماته، ولم يتمكن إلا في العربية. وقد دام على المشارطة في مساجد شتى، مسجد (دودرار) وفي (تينزرت)..." فرجة ماتعة ومفيدة نرجوها لكم نحن طاقم صفحة منتدى قصر أسا، لا تنسونا في صالح الدعاء، والترحم على من ارتقى من علمائنا الأبرار.