تعتبر صناعة الخناجر من الحرف التقليدية التي عرفت بها قصور أسا عبر التاريخ، وتختلف أنواع القطع التي تتم صناعتها حسب غايات استعمالها، فمنها ما هو موجه للاستعمال المنزلي، ومنها مايعد أساسا لبعض المهن مثل الجزارة، كما أن فيها ما يدخل ضمن حلي الرجال كما هو الشأن للْكُمِّيَة.
"لْكُمِّيَتْ" أو "تَازيتْ" هي ذلك الخنجر الذي يتأبطه أفراد فرقة أحواش خلال المناسبات الاحتفالية، وكانت فيما مضى ترمز إلى الرجولة بمعانيها المتصلة بالقوة والشجاعة والمسؤولية، تُمنح الكمية للشاب عند الزواج من قبل ذويه كإشعار منها لدخوله مرحلة الرجولة والمسؤولية عن الأسرة التي تقتضي دوام الدفاع عنها وحمايتها وتأمينها.
إضافة إلى كونها زينة وحلية رجالية؛ كانت الكميت أداة يعتمد عليها الرجال في حياتهم اليومية، وفي أسفارهم وتنقلاتهم للدفاع عن أنفسهم من اللصوص وقطاع الطرق والفضوليين، كما الحيوانات، وغيرها من المخاطر. وتتكون من مقبض خشبي يصنغ من أغصان شجر الطلح، والشفرة التي تعرف ب "تيمْنقشتْ" بالنظر إلى شكلها المقوس من جهة واحدة مثل المخلب، ثم الغمد وهو غشاء خشبي مزين بالعاج أو الفضة أو النحاس أو مزيجا من هذا وذاك حسب قدرة كل فرد، ويوثق الغشاء بحزام مزركش يثبت على الكتف. تعكس تازيت مكانة الفرد داخل محيطه؛ فمن يحمل كمية ليس كمن هو غير مؤهل لحملها، وكلما كانت هذه الأخيرة باهضة ومكلفة بزخرفها وبزينتها الفضية والعاجية؛ كانت دليلا للرفعة والحظوة داخل المجتمع، وقد تم تقنين استعمالها بواسطة الأعراف التي تضبط حالات اللجوء إلى إشهارها، ومن خالف تلك الأعراف كان يتم تغريمه، وأحيطت الكمية بهالة من الاهتمام حيث تحضر في الأجواء الفرجوية والحفلات العائلية كما تحضر في الذاكرة والأمثال الشعبية؛ ومن بين الأقوال المأثورة بذكرها:
يان إكصودن تيضا .... فارق إوامان
أيان إكصودن تيزا .... فارق إواضان
يقال هذا المثل كناية على أن الشر يجتنب باجتناب أسبابه، فشارب ماء العلق لا محالة قاتله، ومن لم يتَجَنب الدياجي فالخنجر نائله. كما يتم التغني ب تازيت أو لكميت في الأشعار بكونها أيقونة "الحب" و"الحرب" معا، وجواز السفر إلى عوالم الرجولة.
وأنتم ماهي حدود ذاكرتكم حول هذه التحفة؟
إرسال تعليق