العلوم والشيوخ والمدارس التي نهل منها :
**المعسول ، الجزء العاشر ، ص :209 العلامة المختار السوسي
***رواية بوغدا لحسن ،87 سنة ،فلاح ، مقاوم ،شاعر ، وتمت بمنزله في أسا يومه 27/ 07/ 2005
والمطلق لأبناء الأكابر أن يتبعوا سبيلا لها. ونعلم أن المجتمع الأمازيغي بآسا لا يرضى مثل هذه التصرفات ويعتبرها جريمة ودنسا يخدش كرامة الأسرة بشكل خاص والفخذة التي ينتمي إليها والمجتمع بشكل عام . و يحق لنا أن نكشف النقاب عن كل صغيرة وكبيرة تتصل بالعلامة وذلك حتى يكون الصدق أهم منهج نتبعه والإتيان بالمعلومة أهم فريضة نلتزم بها . كما لا يمكننا أن نجحد او ننكر ما قد يراه البعض قد يسيء الى المترجم . فإيماننا الراسخ على أن كل الناس معرضون للخطأ والصواب يجعلنا أكثر إيمانا باحترام كل المعطيات والتقارير لكن بشرط الا تكون افتراءا ويجب الاستناد الى المرجع او الراوي كمهمة تاريخية . ولإثبات ما قيل وما أثير حوله من التهم والتي خلقت له اكبر انزعاج خصوصا وانها ممن تربطه بهم عالقة القصر والتي تعد بمثابة رابطة جامعة لكل الناس ، ولذلك نستدل ببعض الأمثلة، فعلى سبيل المثال:
شخص قصري يدعى محماد أحماد اتهمه بسرقة -النعناع- حيث كانت الأرض آنذاك بأسا تجود بمختلف خيراتها، ولما أخبر والده بهذا الشأن، قام بمعاقبة ابنه أمام الملأ معاقبة شديدة، لأجل ردعه أولا ولأجل إنصاف المشتكي الذي عوضه بخسارته . لكن بعد مدة وجيزة طالب المشتكي الصفح والمسامحة عما سببه له من أداية بعدما تأكدت له براءته وحصوله على معلومات وحجج تؤكد وجود المتهم الحقيقي . فقيل أنها وشاية كاذبة أريد منها تشويه سمعته وانتقاص قيمته وخصوصا وانه متفوق أمام أقرانه. وفي مثال آخر نجد أن أمه اتهمته بسرقة –الفصة -، وكما قلنا فالأعمال القبيحة من قبيل السرقة يعاقب عليها الفرد حتى حد الموت . وذلك تماشيا مع الأعراف السائدة والنظام القبلي الذي يضبط الأمن والاستقرار ويقر العلاقات بين الناس . للإلشارة فان المجتمع بالقصر يتماشى وفق أعراف وضوابط عامة
*المعسول ، الجزء العاشر، ص: 209 للعلامة المختار السوسي.
*رواية بوغدا لحسن أخ المترجم ، 87 سنة ، فلاح ، مقاوم ، شاعر ، وتمت بمنزله في أسا في 27/07/2005
**المعسول ، الجزء العاشر، ص: 209 للعالمة المختار السوسي.
وبعد مغادرته شيخه مباشرة اختار أن يتصل بمدرسة سمع عن صيتها الذي داع وعن تفوق طلبتها
واجتهاد علماءها وهي مدرسة - إيمزى- من –أزور إيغالن -، وفيها إذ ذاك وقته الفقيه الجليل سيدي
أحمد بن علي –إيخولفن- الصوابي( ايت يحيا ) المتخرج بسيدي محمد بن عبد الله الصوابي. ولازمه
ومكث عنده مدة لا بأس بها إلى أن فارق الحياة وهو يضاهي الخمسين سنة من عمره .
وكما وعد نفسه تمكن خلال هذه الفترة أن يأخذ منه الكثير من المعارف والمدارك .
اضطر بسبب عدة عوامل العودة إلى شيخه الأول علي بن الحاج داوود فتمكن من شحذ فكره والعطاء
العلمي الغزير وقوى بذلك تفكيره ومنهجه و أساليبه .
التقى أيضا بالشيخ سيدي محمد الحدوري ثم بالشيخ سيدي محمد بن أحمد التيوازيني وهو تلميذ سيدي
الحاج الحبيب حيث مكن العلامة سيدي محمد بن أحمد من التحصيل .
والمدة التي اغترب فيها العلامة سيدي محمد بن احمد الأسوي تصل الى زهاء" 13 "ثالثة عشر سنة
في رحلة كلها متصلة بالبحث المستمر من أجل العلم والمعرفة و الاغتراف من ينابيعه ومصادره .
كانت فترة لم يتوصل فيها لا بأخبار أسرته ولا عن أحوال منطقته وبلدته ، عاش خلالها معزولا حسب
إرادته إلا أن عدم تحمل الأسرة عناء الفراق سخرت كل إمكانياتها الحصول عن معلومات حول ظروف
اختفائه،فأول من التقي به هو السيد الحسين امبارك أهيران بمنطقة تيموالي ونصحه بالعودة لأجل زرع
الاطمئنان في قلوب والديه وذويه وتفنيد الآراء المتضاربة حول غيابه خصوصا وأنها مدة جد قاسية
من الغياب المفاجئ والتي تقاسي فيها الأسرة كثيرا .
نقل المدعو أحمد العطار أكورار أخبارا إلى أسرته تؤكد وجوده في المدارس العلمية وتأتى له ذلك بعد
أن تمكن من معرفته بالعلامة البينة والبارزة على رأسه.قام إذ ذاك والده وبعث إليه برسالة مع حيمود
امبارك ليتصل به في مجمع الفقهاء، وسرد عليه أخبار المنطقة والأهالي والعائلة على وجه التحديد.
ولما قرأ الرسالة أبكته كثيرا وحز في نفسه الفراق والبين .
فرد جوابا مقنعا يطمئن من خلاله والديه ويرفع عنهم الحرج والكرب و أكد فيه ضرورة العودة لزيارة الوالدين والإخوة والأهل والمنطقة جميعا وأكد في خطابه تمكنه من سلك القرآن مرات متعددة وحصوله على العلوم المختلفة والتوصل إلى ما يطمح إليه من معرفة أجل العلوم وأسماها.
ولما وعد عائلته بالمجيء تأتى له ذلك في- أموكار- ومعناه الموسم السنوي الديني والتجاري والعلمي
الذي يقام بقصر أسا أمام الزاوية ويصادف ذكرى المولد النبوي الشريف.
لقد كانت لعودته آثارا إيجابية بحيث فرحت أسرته كثيرا كما فرح به الناس لنهجه القويم ولم يمكث إلا قليلا ،واضطر ثانية العودة إلى المراكز العلمية كما طالب مرافقة بعض أصدقائه وإرشادهم نحو طريق
البحث عن عالم المعرفة والعلم .ونذكر منهم السيد الفقيه المتوكل محمد امبارك والفقيه السيد بوحتراك
محماد أعمر والسيد الأسوي أحمد بن امبارك، وكان ذلك خلال سنة 1946 م*.
خلال هذه الرحلة الثانية و التي استأذن والده لمراجعة إتمام دروسه فزوده وأذن له، ثم صار يتعهد
زيارة بلده فينة بعد فينة.وتمكن العلامة وثلة من أصدقاءه السير قدما من أسا نحو تغجيجت ثم إلى
إفران ومنها إلى- إغشان – بين تهالا وإمجاط – وإلى أيت يحيى ومنها إلى- أقا أوزور- ومنها إلى نكرف . وتحتوي مدرسة نكرف على قرابة 25 إلى 30 طالبا، ويتولى أمورها العلامة سيدي محماد
أحماد من أيت واغزن.كما أن بالمدرسة امرأتان يهتمان بالطبخ والنظافة داخلها وتتحمل القبيلة حساب
أجورهن.تبقى المدرسة أهم ممون للطلبة بحيث تحتوي على مؤونة مهمة من مواد مختلفة بالإضافة
إلى أملاك عقارية نحو الأراضي الفلاحية وحوانيت تسكنها الفئة الطلابية.
ثم إلى مدرسة- إسكن- والتي يرأسها العلامة والفقيه علي بن الحاج داوود ويتراوح عدد الطلبة بها ما
بين 12 و20 طالبا.ومنها إلى مدرسة - إداوكنضيف - وبها سيدي مسعود أفلوس الملقب بصاحب القبة
ثم إلى الأستاذ أحمد بن محمد التودماوي ب-هوارة - وكان محصال ممتازا في مختلف العلوم.
وانتقل بعدها إلى سيدي الحاج إبراهيم في مدرسة -إداومنو- والتي تحتوي وتتوفر على كل الحاجيات
والضروريات المساعدة على المتابعة والتحصيل في أفضل الظروف وأحسنها. وكان يرأسها العلامة
الجليل الحاج الحبيب وعدد الطلبة يفوق بها 40 طالبا *.
*رواية الفقيه بوحتراك محماد أعمار ، 1929 بأسا ،فقيه ، تلميذ المترجم ،تمت بمنزله بأسا في 30/07/2005
وفي أوائل رمضان األبرك 1364ه فارق شيخه لزيارة أسا وذلك حسب الأنباء التي كشفت عن مرض
عضال ألم بوالده وهدد صحته وأضعفها، وكان رجاؤه أن يحضر وفاته فتم له ذلك فودعه وأقبره **.
تمكن من إقناع والدته لاستتمام واستكمال أخذه ورخصت له بذلك ليشد الرحال ويتوجه صوب منطقة
- تامانارت –وألقى عصا تسياره قاصدا مدارسها للارتواء والاغتراف من معينها العذب الزلال وكان
له أن يلتقي بقطب العارفين وإمام الفقهاء والعلماء سيدي محمد بن الحسن أوسايا، كما تمكن من
الاستفادة من فكر المعلمة العلمية سيدي أحمد بن محمد السليماني الإلغي . وبعد الإلتقاء بهؤلاء
الأقطاب المجدين والمجتهدين، عاد بعد ذلك إلى وادي نون وكان يشارط هناك إلا أنه لم يطب له المقام
هناك نظرا لجهل الناس بأمور دينهم وتشبث فقهاءها بالنبرة القبلية العصبية وعانى من عدة مضايقات. وتوجه من جديد نحو منطقة – تامانارت – ومنها إلى – أقا – فمنطقة – طاطا –فمنطقة –
تيسنت -. ولم يطب له المقام إلا في منطقة سكتانة ليلتقي فيها العلامة المقتدر قطب العارفين وإمام
المجددين القاضي الحاج إسماعيل رضا الذي منحه مفاتح العرفان وزاده من العلوم زادا متناميا قويا
جعله يصل إلى أعلى الدرجات***.
كما كان محظوظا في شحذ فكره عند التقاءه واستفادته من العلامة الحاج أحمد الجراري الذي كان سيد
علماء عصره المكلف برئاسة مدرسة- تاكركوست- التي تزخر بالفقهاء والعلماء الافاضل*.
لقد وجد العلامة من هذين الرجلين العلمين المهمين في الحياة الفكرية علما نافعا ويقينيا فائضا وفكرا
مشحوذا أماضيا بالإضافة إلى المناظرات والجلسات المتنوعة المضامين والمواضيع، ناهيك عن
الخزانة المفعوعمة بأنواع الكتب والمجلدات والموسوعات الفقهية القديمة والحديثة، فلم ينشب أن
سبح في معلومات جديدة وإفهام غير ما كان يعهد، فكان لذلك الأثر الحسن على حياته الفكرية والعلمية. وفي تلك البيئة صارت الغشاوة تنقشع عن عينيه وتزداد دائرة معارفه ومداركه بالزاد
المعرفي الهائل والزاخر.
**المعسول ، الجزء العاشر ، ص : 209 للعلامة المختار السوسي.
*** رواية بوغدا لحسن ،87 سنة ، أخ المترجم ،فلاح ،مقاوم ، شاعر ، وتمت بمنزله بأسا في 27/07/2005
ولعل أسرة - بني وساعدن - أهم قطب وسند فعلي تمكن من تنوير ثقافة العلامة وأكبر مساعد له في
الإرشاد والإستدلال والأخذ من مختلف العلوم الدينية والدنيوية بالإضافة إلى التشبع من مبادئ حب
الوطن وضرورة الدفاع عنه واعتماد الجهاد في سبيله لأجل تحريره ومقدساته من براثن المستعمر
وعجرفته وانتهاكاته الصارخة مع ما يخلفه في نفوس الناس من إفشاء الذعر والفساد وما إلى ذلك من
الفواحش التي تؤرق المجتمع وتكسر شوكته**.
ولابد إذن أن نلقي نظرة ولو موجزة للتعريف بأسرة بني وساعدن وأسسها ومجالها الجغرافي
والتاريخي وأهم شخصية تمكنت من التأثير على حياة وأسلوب العلامة سيدي محمد بن أحمد الأسوي.
إرسال تعليق